أشار وزير الصّحة العامّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، ممثّلًا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال رعايته المؤتمر السّابع والأربعين لاتحاد الأطبّاء العرب في طرابلس، بدعوة من نقابة الأطبّاء في طرابلس، وضمن فعاليّات طرابلس عاصمة للثّقافة العربيّة، إلى أنّ "التقدّم السّريع في التّكنولوجيا والعلوم الطبيّة، يفرض علينا التأكّد من أنّ نظمنا الصحيّة قادرة على مواكبة هذه التطوّرات بأكلافها العالية، من غير أن نستبعد أيّ فرد من أفراد المجتمع، وخاصّةً من الشّرائح الهشّة".
ولفت إلى أنّ "في عصر الكورونا والكوليرا والأوبئة العابرة للحدود، لم يعد من أدنى شكّ حول مدى ترابط الأمن الصحّي وحتميّة العمل المشترك والتّعاون بين أبناء ومكوّنات بلداننا. كما أنّ الاستقرار والتقدّم مستحيلان من غير تحقيق العدالة في التّنمية والوصول إلى الخدمات الطبيّة، بحيث يستفيد الجميع من التقدّم؛ وليس فقط قلّة محظيّة".
وركّز الأبيض على أنّ "لبنان، وطننا الحبيب، أيضًا يمرّ بمرحلة حرجة. فالتحدّيات الصحيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة، والعدوان الإسرائيلي، كلّها عوامل تتضافر لتهدّد نسيج مجتمعنا. وهذا أيضًا ما يشهده عالمنا العربي في زمن غطرسة القوّة، وغياب الرّؤية الوحدويّة الجامعة، وغلبة ثقافة الغلو والتّخوين على ثقافة الاعتدال وحسن إدارة الاختلاف".
وتساءل: "هل يواجه العالم العربي هذه التحدّيات متّحدًا أم متفرّقًا؟ فكم نحن بحاجة إلى توحيد الجهود والتّعاون بشكل أعمق لمواجهة التحدّيات المشتركة، ومنها التحدّيات الصحيّة، الّتي تعصف ببلداننا. ولعلّ الثّقافة تلعب دورًا حاسمًا في هذا السّياق، فهي الجسر الّذي يربط ماضينا بحاضرنا ويضيء طريقنا نحو المستقبل".
كما أوضح "أنّنا لسنا أوّل مجتمع يواجه الصّعوبات، وان تاريخنا مليئ بآثار تحدّيات سابقة، تجدونها منتشرة في أرجاء هذه المدينة العريقة، وفي ربوع هذا الوطن. لكنّ مجابهة التحدّيات تتطلّب المقاربة السّليمة الّتي تستند إلى ثقافة فيها الكثير من التّفكير العلمي السّليم، الموضوعي، المدعّم بالأدلّة، وترفده أخلاقيّات رفيعة، حسّ مع الآخر، هَمّ جماعي، إدراك لمدى التّرابط بين أفراد المجتمع، وأهميّة كلّ ذلك في بناء الأمم والشّعوب على أسس سليمة، مع همّة عالية، وإرادة وعزيمة في وجه المخاطر، واستعداد للتّضحية إذا لزم من أجل الآخرين؛ وكل هذا ما ميّز ويميّز مهنتكم زملائي".
وشدّد الأبيض على أنّ "الطّبيب يلعب دورًا رئيسيًّا كأحد أهمّ مثقّفي المجتمع. ودوره لا يقتصر فقط على تقديم الرّعاية الصحيّة، بل يمتدّ ليشمل توجيه المجتمع نحو التّفكير النّقدي والحكمة في مواجهة التحدّيات. والأطبّاء يحملون على عاتقهم مسؤوليّةً كبيرةً في تثقيف المجتمع وتعزيز الوعي بأهميّة التّعاون والتّكافل"، مبيّنًا أنّ "لذلك استحقّ الطّبيب في منطقتنا أن يُدعى بالحكيم، وأن يتبوّأ مكانةً عاليةً في مجتمعه، وأن يكون ملح الأرض، يصلح المجتمع بصلاحه، ويفسد بفساده".
وذكّر بـ"أهميّة الإرادة والعزيمة في مواجهة التحدّيات"، مشيرًا إلى أنّ "اجتماعنا هنا اليوم، رغم الظّروف الصّعبة الّتي يمرّ بها لبنان، وغزة العزيزة الأبيّة، وغيرها من أوطاننا، يشكّل رسالةً مهمّةً للتّضامن العربي ووحدة الهموم والتّطلعات. ونحن نؤمن أنّ بإرادتنا المشتركة، يمكننا أن نتغلّب على أيّ عقبة".